النهار في القرآن: معجزة إلهية تتجاوز الشمس

**مقدمة: نور لا يُشرق بالشمس **
هل سألت نفسك يومًا: ماذا لو اختفت الشمس فجأة؟ هل سيختفي النهار معها؟
القرآن الكريم يقدم لنا إجابة مُذهلة: النهار ليس مجرد ضوء شمس، بل هو **آية كونية مستقلة** تُدار بتدبير إلهي مباشر، حتى لو بدا للعين البشرية أن الشمس هي السبب الوحيد.


1. النهار والليل.. آيتان منفصلتان عن الشمس


- يقول الله تعالى: **﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾** (فصلت: 37).
هنا يذكر الله الليل والنهار **قبل الشمس والقمر**، ليُؤكد أن لكلٍّ منهما حقيقة مخلوقة مستقلة.
- وفي سورة **الأعراف**: **﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾** (الأعراف: 54).
كلمة **"يُغشي"** تشير إلى أن الله هو من يُدير عملية التحول بينهما، كأن الليل "يلاحق" النهار بتقدير إلهي.

2. الشمس سراج.. والنهار ضياء 


القرآن يفرّق بين دور الشمس كـ**مصدر طاقة**، والنهار كـ**ظاهرة كونية**:
- **الشمس سراج**:
**﴿وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا﴾** (نوح: 16)؛ أي مصباحًا يُنتج الطاقة.
- **النهار ضياء**:
**﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا﴾** (يونس: 5).
فـ**الضياء** (وهج الشمس) يختلف عن **النهار** كزمنٍ مُقدّر بنظام إلهي.


3. لو اختفت الشمس.. هل ينتهي النهار؟


القرآن يجيب في سورة **القصص**:
**﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ﴾** (القصص: 71).
هذا يعني أن الله قادر على خلق النهار دون شمس، كما في الآخرة:
**﴿لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ﴾** (يس: 40)، حيث يتغير النظام الكوني كليًا.


4. العلم الحديث والقرآن: وجهان لحقيقة واحدة


- **المنظور العلمي**:
النهار ينتج عن انعكاس أشعة الشمس على الغلاف الجوي للأرض أثناء دورانها.
- **المنظور القرآني**:
هذا التفسير لا يتعارض مع القرآن، بل **يُعزّز الإعجاز**؛ فالنظام الكوني نفسه مُسخّر بقدرة الله:
**﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا﴾** (فاطر: 41).

 


5. دروس إيمانية من آية النهار


- **التفكر في عظمة الخالق**:
النهار ليس حدثًا روتينيًا، بل دليل على أن الله هو **"يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ"** (لقمان: 29).
- **التوكل على مسبب الأسباب**:
الشمس سبب ظاهري، لكن المشيئة الإلهية هي الأصل:
**﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾** (يس: 82).

خاتمة: النهار.. رسالة نورانية


النهار في القرآن ليس مجرد ضوء، بل هو **دليل حيوي** على أن الكون يُدار بإرادة إلهية لا تعتمد على الأسباب المادية وحدها.
فكما قال ابن القيم:
 "النهار آية تُذكّر الإنسان بأن الله قادر على خلق النور بلا شمس، كما في الجنة".

فلننظر إلى شروق الشمس كل صباح ليس كظاهرة فيزيائية فحسب، بل كـ**توقيع إلهي** على عظمة الخالق:
﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ (يس: 40).

---
🌞 **سبحان من بيده مفتاح النور** 🌞

وليد النوري











تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
http://www.example.com/foo.html 2018-06-04